وأنتَ مكسّد تتصفّح في آخِر الأخبار على حسابك في فيسبوك، أكيد لاحظت أنَّ مرّات منشورات بعض الأصدقاء معاش تطلعلك، لدرجة تشكّك أنهم لغوا الصداقة معاك! أو أنّ مرّات بعض الصفحات اللي تتابع فيها فجأة معاش تطلعلك منشوراتهم، لدرجة تشكّك إنّهم معاش نزّلوا أخبار جديدة! بس بمجرّد تبحث على حساب صديقك، تلقاه قاعد نشِط ومن ضمن قائمة الأصدقاء، والصفحة اللي تتابع فيها ومش طالعتلك أخبارها تلقاها تنشر قريب كل ساعتين، بس مع ذلك، الزوز ما ليهمش ذكر في آخر الأخبار على حسابك!


وأنتَ مكسّد تتصفّح في آخِر الأخبار على حسابك في فيسبوك، أكيد لاحظت أنَّ مرّات منشورات بعض الأصدقاء معاش تطلعلك، لدرجة تشكّك أنهم لغوا الصداقة معاك! أو أنّ مرّات بعض الصفحات اللي تتابع فيها فجأة معاش تطلعلك منشوراتهم، لدرجة تشكّك إنّهم معاش نزّلوا أخبار جديدة! بس بمجرّد تبحث على حساب صديقك، تلقاه قاعد نشِط ومن ضمن قائمة الأصدقاء، والصفحة اللي تتابع فيها ومش طالعتلك أخبارها تلقاها تنشر قريب كل ساعتين، بس مع ذلك، الزوز ما ليهمش ذكر في آخر الأخبار على حسابك!


السبب الرئيسي لهذي الظاهرة هو "خوارزمية" خاصة بفيسبوك، واللي هي ببساطة نظام يقرّر ظهور المحتوى في موجز الأخبار استنادًا على تنبّؤات حول تفضيلات كل مستخدم وميوله، خلي نحكوا شوي على خوارزميّة فيسبوك واللي هي تعتبر من أكثر الخوارزميّات تعقيدًا حتى الآن.


مراحل تطوُّر خوارزميّة فيسبوك

تطوّرت خوارزميّة فيسبوك عبر أجيال منذ إنشائه، وباختصار، كانت في البداية تركّزلك على الأشياء اللي تجذب الناس أكثر شيء، واللي هي العلاقات الاجتماعية ومنشورات الأصدقاء المقرّبين (فلان ارتبط أو فلان عرّس) بغض النظر عن تفاعلك مع المحتوى هذا، وطبعًا سياسة فيسبوك هذي، ولدت تفاعل بين المستخدمين، ولكن ما كانش لها جانب مادي ملموس للشركة؛ في النهاية الشركة تبّي تربح فلوس، ومُعظم الربح حيكون عن طريق المحتوى التجاري، واللي هو معبّي إعلانات، هني شركة فيسبوك قرّرت تعيد النظر في الخوارزميّة متعها وتطوّر فيها.


في 2015، طلعت فيسبوك باستراتيجية جديدة، واللي تعتمد على كميّة الوقت اللي تقضيه على المحتوى، بمعنى آخر، نوعيّة المنشور أو الفيديو اللي يقعدوا يستهلكوا فيه المستخدمين أكثر هي اللي حتطلعلهم أكثر في آخر الأخبار. فوائد الخاصيّة هذي هي أنّها زادت الأرباح بسبب الإعلانات في الفيديوهات، لكن كان فيه مخاوف من قلّة التفاعلات للمستخدمين بين بعضهم، بحيث أنّ الوقت اللي تقضيه في الفيسبوك بيمشي كلّه في فيديو تسويقي مثلًا، بل الكثير انتقلوا لمنصّات فيها تفاعل شخصي أكثر زي سناب تشات، وخصوصًا من الشباب.


ابتداءً من 2016، ضافت فيسبوك للخوارزميّة متعها خاصيّة سمّوها "التفاعلات الاجتماعيّة القيّمة"، بحيث المحتوى اللي يحصّل أكثر تفاعل من أصدقائك أو أصدقاء أصدقائك تطلعلك في آخر الأخبار أكثر، وفي نفس الوقت، تقدر تتعلّم منّك الخوارزميّة على المستوى الشخصي المحتوى اللي تهتم بيه، سواءً مجموعات أو منشورات أصدقاء، وتعطيهم أولويّة بالظهور على آخر الأخبار.


فكرك وخصوصيتك معادش ملكك!

لازم ندركوا أنَّ هذا الموضوع مهم وخطير في نفس الوقت، لأنّ على سبيل المثال لو قعدت تدير -أنت أو الناس المحيطة بيك- في إعجابات وتتفاعل مع صفحات أو مجموعات كلّها أخبار زائفة ولّا أخبار فتنة وخطاب كراهية، واللي هو غالب المحتوى الجدلي المستهدف من قِبل الناس (واللي أحيانًا يكون دعاية مدفوعة)؛ فحتقعد تطلعلك نفس النوعيّة هذي من المنشورات، ويقعد عقلك منغلق عليها، وهذا ممكن يكون ليه آثار سلبيّة عليك وعلى المجتمع ككل. 


طبعًا زي ما قلنا، مواقع زي فيسبوك من أكثر الحاجات اللي تهمّها هي الربح، وبالتالي حتقدّملك منشورات على الحاجات اللي تعجبك وتديرلك عليها إعلانات، فيسبوك فعليًّا أصبح عنده ولوج كامل لمعظم بياناتك الحساسة، زي موقعك، عمليات شرائك، هدرزتك على التشات مع أصحابك، وهلبا حاجات ثانية تجمّعها الخوارزميّة على بعضها وتطلّعلك إعلان بنفس اهتماماتك، وقد تصدف الخوارزميّة المعقّدة هذي وتجيبلك شي كنت تحكي عليه من ساعات، لدرجة تحساب أنّهم يتنصّتوا عليك!


السؤال اللي يطرح نفسه، هل نقدروا نقولوا إنّ فيسبوك ينتهك في خصوصيّتنا؟ الإجابة: نعم ولا... فحسب تقارير متعدّدة من وكالة أنباء بلومبرج تكلموا فيها في أكثر من مرّة على انتهاك فيسبوك لخصوصيّة مستخدميها، في 2019 صدر تقرير يبيّن أنّ فيسبوك تعاقدت مع شركة متخصّصة باش تترجم التسجيلات الصوتيّة المُرسلة عبر الماسنجر إلى نصوص، ولكن فيسبوك قالت إنّها كانت تختبر في خوارزميّة جديدة خاصّة بترجمة الصوت إلى نص، وإنّ الأشخاص اللي طبّقت عليهم واستخدمت تسجيلاتهم كان عندهم علم بيها ويقدروا يوافقوا أو يرفضوا. وفي تقرير ثاني كان مقابلة مع زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لفيسبوك، قال إنّ فيسبوك تتفقّد في الرسائل الخاصّة على الماسنجر بنفس الأدوات المستخدمة على مستوى فيسبوك، بحيث يمنعوا أي رسائل خطيرة أو فيها استغلال وابتزاز.

كذلك قضية فيسبوك-كامبريدج أناليتيكا الشهيرة خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية سنة 2016، تعتبر مثال صارخ عن انتهاكات الخصوصية اللي ممكن تصير على فيسبوك، حيث تم فيها جمع بيانات شخصية عن الملايين من الأمريكيين على موقع فيسبوك من دون موافقتهم ومن بعدها تم تحليل هذي البيانات واستخدامها لأغراض الترويج والدعاية السياسية عبر الاعلانات المستهدفة لإقناع كل شخص بمرشح سياسي معين أو تغيير وجهة نظره حول موضوع\مرشح سياسي معين. (فالواحد يأخذ باله ويخلي عنده دراية مسبقة كلما يشوف منشور ترويجي على فيسبوك، خاصة أننا أيضا على أبواب انتخابات رئاسية ليبيّة).


الزبدة  عن الخوارزميّة

من الكلام هذا كله، الشي المُهم اللي لازم نركّزوا عليه هو أنّ نتعلّموا كيف نتعاملوا بذكاء مع خوارزميّة فيسبوك؛ حني في وقت ما تقدرش تعيش بدون كل التقنيّات هذي، لذلك زي ما يقولوا: "جليس المرء مثله"، ربّما من وجهة نظر "فيسبوكيّة"، لازم عليك أن تحسّن اختيار أصدقائك في العالم الافتراضي، وتتابع محتوى صح، وتعرف أمتى تحط وأمتى ما تحطّش زر إعجاب أو تعليق أو أي تفاعل، لأنّ كل هذي الأنشطة هي بيانات تتغذّى عليها خوارزميّة الذكاء الاصطناعي الخاصة بـ فيسبوك باش تعطيك وتقترح عليك المنشورات الجايّة واللي ممكن تنحتلك فكرك زي ما قاعدة تنحت في فكر الملايين حاليًّا! وزيما يقول الفيلسوف جايسون سيلڤا: "ما نصنعه... يُعيد صناعتنا".


مواضيع أخرى قد تهمك