يطلق مصطلح الذكاء الاصطناعي على قدرة الحاسوب على تحليل البيانات وربطها بطريقة تتيح له التعامل مع أوامر مختلفة وحل مشاكل أكثر تعقيدًا، أي ببساطة يمكن القول أن الذكاء الاصطناعي هو قدرة الآلة على "التعلم" لو عرّفنا التعلم هنا بأنه القدرة على استخدام المعلومات المتاحة والقيام بمهام ووظائف جديدة.  

ما هو الذكاء الاصطناعي؟ 

لا يمكن تجنب نقاشات الذكاء الاصطناعي بعد اليوم، أو التفكير في مستقبل أي مجال مهني أو إبداعي بدون ذكر تأثيرات الذكاء الاصطناعي على هذا المستقبل. لكن معظم هذه النقاشات تتمحور حول التطورات الحالية أو القادمة، وتحكي القصة من النهاية، بدون تفصيل الأساس لها: ما هو الذكاء الاصطناعي وماذا نقصد عند لفظ هاتين الكلمتين اللاتي صارتا من أكثر الكلمات تداولا في حياتنا اليومية؟  

يطلق مصطلح الذكاء الاصطناعي على قدرة الحاسوب على تحليل البيانات وربطها بطريقة تتيح له التعامل مع أوامر مختلفة وحل مشاكل أكثر تعقيدًا، أي ببساطة يمكن القول أن الذكاء الاصطناعي هو قدرة الآلة على "التعلم" لو عرّفنا التعلم هنا بأنه القدرة على استخدام المعلومات المتاحة والقيام بمهام ووظائف جديدة.  

 

ما قبل الذكاء الاصطناعي   

بدأ الدافع لتطوير الذكاء الاصطناعي بعد اكتساب المبرمجين القدرة على جعل الحاسوب يقوم بوظائف معينة باستخدام خوارزميات محددة. جعلت قدرات الحاسوب بتطبيق هذه الخوارزميات الحياة أفضل وأسهل لكنها كانت محدودة، وافتقرت للمرونة التي يمكن أن يوصف بها الدماغ البشري الذي يكتسب المعلومات من بيئته ويعمل على ربطها للحصول على استنتاجات جديدة وحل المشاكل التي تواجهه، ظلت الحواسيب لفترة طويلة محدودة بقدرات المبرمجين وبالخوارزميات التي تبنى عليها، ولم يمكن للآلة أن تكتسب أي مهارة لم تتم برمجتها لأدائها مسبقا.  

 

بتطور المعرفة، بدأ السعي لخلق حاسوب يماثل الشبكات العصبية في قدرتها على التأقلم وأداء الوظائف المختلفة، وفي سنة 1950 توقع عالم الرياضيات البريطاني "آلان تورينج" ظهور "الحاسوب الذي يضاهي الإنسان ذكاءً " وصمم اختبارا لقياس قدرات هذا الحاسوب يسمى باختبار تورينج، يعتمد الاختبار على ميزة واحدة فقط: عدم قدرة الإنسان على التمييز بين هذا الحاسوب الذكي وبين إنسان آخر!  

 

في الاختبار يطلب من إنسان خوض محادثة مع طرف آخر مخفي، ثم التخمين هل هذا الطرف بشري أم آلة؟ لو كان الطرف الخفي آلة، وفشل الانسان في معرفة ذلك، يكون هذا الحاسوب قد اجتاز اختبار تورينج بنجاح. 

 
 

الآلة التي تتعلم 

كما أسلفنا يطلق مصطلح الذكاء الاصطناعي على امكانية جعل الحاسوب يكتسب المعرفة ويحاكي الذكاء البشري، وفي هذا السياق قد تصادف مصطلحات مثل التعلم الآلي، والتعلم العميق. 

 

التعلم الآلي والتعلم العميق هما امتدادان للذكاء الاصطناعي. عليك أن تعرف أولا أن التعلم الآلي هو فرع من الذكاء الاصطناعي، والتعلم العميق هو فرع من التعلم الآلي.  

 
 

 يشير التعلم الآلي إلى مد الخوارزمية بكم هائل من البيانات، ليكون بإمكانها إجراء عمليات معقدة بالاعتماد على هذه البيانات، لا تقتصر الخوارزمية في هذه الحالة على إجراء العمليات التي تمت برمجتها لأدائها، بل تمتد لإجراء عمليات وحسابات أكثر تعقيدا. تحتاج عملية التعلم الآلي إلى كم كبير من البيانات وإلى تدخل بشري يتمثل في توفير هذه البيانات.  

 

من أمثلة التعلم الآلي في حياتك خوارزميات Amazon و Netflix وخوارزميات الإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي. تستخدم هذه الخوارزميات بيانات تصفحك وغيرها من البيانات الشخصية لتعرض لك نتائج ترغب في رؤيتها أو تثير اهتمامك، في هذه الحالات لا تتم برمجة الخوارزمية على عرض أي عناصر محددة لك، لكنها تقوم بشكل آلي باستنباط المحتوى الذي تريد رؤيته من تحليل بياناتك وبيانات الآخرين ذو الاهتمامات المتشابهة. 
 

التعلم العميق هو فرع من التعلم الآلي، وهو جزء من المحاولات المستمرة لصنع ذكاء اصطناعي أقرب إلى الذكاء البشري، إذا تعتمد تقنيات التعلم العميق على شبكات حاسوبية تماثل الشبكات العصبية. ومثل الخلايا العصبية التي تتخصص كل منها في مجموعة من الوظائف، تكون خوارزميات التعلم العميق على شكل طبقات تقوم بالتعلم على مستويات متعددة، وتعود تسمية " التعلم العميق" إلى تسلسل لهذه الطبقات. 

من الأمثلة لتقنيات التعلم العميق تقنيات التعرف على الصور والتعرف على الصوت، وأيضًا أنظمة معالجة اللغة الطبيعية، وغيرها الكثير. 

 

على عكس التعلم الآلي لا يحتاج التعلم العميق لتدخل البشر لإدخال البيانات، بل بإمكانه استخراجها بشكل تلقائي إذ تعطى فقط البيانات الأولية للخوارزمية وتقوم هي بعدها باستخلاص المزيد. مثلا، يمكن لنظام مبني على التعلم العميق أن يجد صورة زهرة توليب حمراء من بين غيرها من الصور بدون الحاجة لأن تصف مميزات زهرة التوليب أو أن تعطي أمثلة على اللون الأحمر للخوارزمية، يكفي فقط أن تدخل اسم الزهرة وستعلّم الخوارزمية نفسها شكل الزهرة باستخدام ملايين الصور الأخرى الموجودة على الشبكة.  

 
 

أنواع الذكاء الاصطناعي

إذا، فالذكاء الاصطناعي يشمل تطبيقات متنوعة وأيضًا تفرعات مختلفة، وعدا عن هذه التصنيفات التي تعتمد على طريقة التعلم، يمكن تصنيف الذكاء الاصطناعي حسب المهام التي يؤديها إلى ذكاء اصطناعي قوي وضعيف وفائق:  

 

  • الذكاء الاصطناعي الضعيف أو الضيق: هو الذكاء الاصطناعي المصمم والقادر على أداء وظيفة واحدة، ولا يمكنه تأدية أي وظائف أخرى. 

  • الذكاء الاصطناعي القوي أو العام AGI: هو ذكاء اصطناعي ذو قدرة أكبر على التعلم تتيح له أداء وظائف متنوعة لم يتم تصميمه لأدائها ولا توجد أمثلة واقعية لهذا النوع من الذكاء الاصطناعي بعد.  

  • الذكاء الاصطناعي الفائق: سيتفوق الذكاء الاصطناعي الفائق على أدمغة البشر، إلا أن هذا المفهوم هو مفهوم نظري بحت لا تطبيقات له موجودة في الواقع.  

 
 

مجالات الذكاء الاصطناعي

يجعل الذكاء الاصطناعي حياتنا أسهل في شتى المجالات، من خلال أداء المهم الروتينية المتكررة بفعالية وسلاسة تزيد من الانتاجية وتوفر الوقت والجهد. 

 

تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الصناعة تشمل التحكم في معدات التصنيع والتحكم في الجودة ومراقبة العوامل المختلفة لعملية التصنيع، تطورت هذه التقنيات حتى اصبحت الكثير من العمليات الصناعية آلية بالكامل. كما يجعل الذكاء الاصطناعي من عمليات التسويق أكثر فعالية، حيث يمكن من خلال الخوارزميات الوصول للجمهور الذي يحتاج منتجك بتحديد ودقة، وبالتالي يقلل من تكلفة الاعلانات ويزيد من عوائد استثمارك في هذه الاعلانات.  

 

تجعل تقنيات الذكاء الاصطناعي جودة حياتنا أفضل من خلال رفع جودة الخدمات مثل خدمات الرعاية الصحية التي تقلل فيها الخوارزميات من نسبة الأخطاء في عملية التشخيص وتجعل عملية العلاج دقيقة ومحددة أكثر.  

 

بالإضافة لهذا ترتفع جودة الحياة بالاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في حل المشكلات التي تواجهنا مثل المشكلات البيئية ومشكلات الاستدامة وهذا من خلال القدرة على التحليل وصنع نماذج يمكن الاستفادة منها. في التعليم والتجارة، والاقتصاد، وفي المجالات العلمية والأكاديمية يتم تدريب الحاسوب على معالجة وتحليل وتفسير البيانات، مما يسمح بدقة وسرعة عالية في تنفيذ المهام. 

 

في ختام هذا المقال، لا يمكن إنكار فائدة الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية. فقد أثبتت التكنولوجيا الذكية قدرتها على تحسين العديد من جوانب حياتنا، سواء في المجال الطبي والتشخيص المبكر للأمراض، أو في تسهيل عمليات الإنتاج وتقليل الأخطاء، وحتى في تحسين تجربتنا في التسوق والترفيه. يعتبر الذكاء الاصطناعي نعمة حقيقية تفتح آفاقاً جديدة أمامنا، ونحن بحاجة لاستغلالها بشكل حكيم ومسؤول. إننا في زمن تكنولوجي مليء بالفرص، ويجب أن نعمل جميعًا على تعزيز وتطوير الذكاء الاصطناعي لتحقيق تقدم حقيقي وتحسين جودة حياتنا. 

مواضيع أخرى قد تهمك