متى كانت آخر مرة غيّرت فيها هاتفك الذكي وماذا كان السبب؟ يميل الكثير منا لاستبدال أجهزتهم الإلكترونية فقط للحصول على الإصدار الأحدث، أو لشراء موديل مختلف، أو حتى بسبب حدوث خلل بسيط في هذه الأجهزة. في أحيان كثيرة لا يتم استبدال الأجهزة الإلكترونية عندما ينتهي عمرها الافتراضي أو عندما تتوقف عن العمل، بل عندما يكون هناك بديل أحدث لها.

يعود السبب في هذا إلى انخفاض سعر الأجهزة وارتفاع معدل انتاجها، وكذلك تعقيد صناعتها والذي يجعل صيانتها أمرًا مكلفا ماديا، كل هذه العوامل تجعل شراء جهاز إلكتروني جديد خيارًا أفضل اقتصاديًا من صيانة الجهاز القديم والمحافظة عليه. يتسبب هذا السلوك الاستهلاكي تجاه الأجهزة الإلكترونية في مشكلة تتفاقم سنة بعد سنة، وهي مشكلة النفايات الإلكترونية.  

 
 

النفايات الإلكترونية وتصنيفها 
 

النفايات الإلكترونية E-waste هي نفايات المنتجات الإلكترونية مثل الهواتف النقالة شاشات العرض والتفلزيونات والحواسيب والأدوات المنزلية مثل الثلاجات والغسالات والمصابيح وغيرها. عند الحديث عن النفايات الإلكترونية يتم تصنيفها  لست فئات كالتالي:  

 

  1. أجهزة التبريد والتسخين : تشمل الثلاجات والسخانات ومكيفات الهواء ومايماثلها. 

  1. الشاشات وأجهزة العرض: وتشمل التلفزيونات والحواسيب وغيرها. 

  1. مصابيح الإضاءة. 

  1. الأجهزة الإلكترونية الضخمة : كتلك المستعملة في الغسيل والتجفيف وكذلك المواقد الكهربائية. 

  1. الأجهزة الإلكترونية الصغيرة: مثل الميكروويف وأجهزة حلاقة الوجه وألعاب الأطفال الإلكترونية. 

  1. الأجهزة الإلكترونية المستعملة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات: مثل الهواتف المحمولة وكمالياتها من الإلكترونيات. 

 
 

خطورة النفايات الإلكترونية  

 

لا تقتصر التأثيرات السلبية للنفايات الإلكترونية على كونها عبئًا بيئيًا، خاصة في الدول الفقيرة التي لا تمتلك الإمكانيات اللازمة لإعادة تدويرها والتخلص منها، بل يمتد تأثيرها ليشمل الأضرار الصحية المتسببة عن المعادن المستخدمة في صناعتها. 

على سبيل المثال تحتوي النفايات الإلكترونية على معادن الرصاص، والزئبق، والزرنيخ، والكروم، والكادميوم.  تؤثر هذه المعادن على صحة الإنسان بطرق مختلفة مسببة في تأثيرات ضارة على الجهاز العصبي، والجلد، والرئتين، والكلى، خاصة لدى الأطفال والأجنة.  

 

تتفاقم هذه الأضرار عند التخلص من هذه النفايات بطريقة خاطئة، ويعد أثرها ظاهرًا خاصة عندما لا تتواجد الإمكانيات والخبرات للتعامل معها، فيتم التخلص منها عن طريق الحرق والتذويب والفك، ومن أشخاص غير مؤهلين للتعامل مع هذه النفايات وغير مزودين بوسائل الحماية اللازمة، يتم أيضًا التخلص من هذه النفايات في أماكن غير مخصصة لها، فتكون قريبة من الأحياء السكنية مهددة الأشخاص القاطنين بجوارها، والأطفال المعرضين لها.  

 
 

أفريقيا مكب للنفايات الإلكترونية 

 

وجه آخر مقلق لمشكلة النفايات الإلكترونية، يتمثل في استغلال القارة السمراء، لتكون محطة النهاية لهذه المخلفات، إذ تتجه بقية دول العالم والدول الأوروبية تحديدًا للتخلص من نفاياتها الإلكترونية من خلال تصديرها للدول الأفريقية. 
 

قدرت النفايات الإلكترونية حول العالم ب 53.6 مليون طن خلال عام 2019، كانت أفريقيا مسؤولة عن إنتاج 2.9 مليون طن فقط منها، ويقدر أن 60% من هذه النفايات هي نفايات يتم تصديرها لدول أفريقيا، بسبب وجود قوانين ولوائح أقل صرامة حول طرق التخلص من هذه النفايات في هذه الدول . 

 

تكون المعادن المتوفرة في هذه النفايات الإلكترونية مصدرا للكسب عند بيعها والتجارة فيها، ويزيد هذا من خطورتها، إذ يدفع السكان في المناطق الأقل حظًا للتعامل مع هذه النفايات بدون أي وسائل حماية، ومحاولة تفكيكها أو إذابتها للحصول على هذه المعادن، مما يعرضهم لخطر التعرض للعديد من المواد الكيميائية الضارة.  

 
 

النفايات الإلكترونية في ليبيا  

 

وفقًا للتقرير العالمي للنفايات الإلكترونية  2020 الصادر من الأمم المتحدة، فإن ليبيا انتجت 76 ألف طن من النفايات الإلكترونية في عام 2019، وكان نصيب الفرد الواحد 11.5 كجم. 
 

يعد نصيب الفرد من النفايات الإلكترونية مرتفعًا مقارنة بدول الجوار حيث انتجت مصر 586 ألف طن من النفايات بواقع 5.9 كجم للفرد الواحد، وسجلت تونس 76 ألف طن بواقع 6.4 للفرد.  

 
 

التخلص من النفايات الإلكترونية 
 

تتضافر الجهود العالمية لحل مشكلة النفايات الإلكترونية إما من خلال إعادة التدوير أو بتقليل الاستهلاك، لكن بشكل فردي كيف يمكننا أن تشارك في حل هذه المشكلة؟ 

 

يبدأ حل المشكلة في التفكير في سلوكنا الاستهلاكي، هل تحتاج حقًا للهاتف الجديد؟ أو الثلاجة الأكبر؟ وفي حال قررت التخلص من أجهزة قديمة في حوزتك، هل تعتقد أن شخصا آخر بإمكانه الاستفادة منها؟ في هذه الحالة تواصل مع الجمعيات الخيرية حولك وساهم في جعل حياة شخص آخر أسهل.  

 

في حالة عدم القدرة على الاستفادة من أجهزتك الإلكترونية أو التبرع بها، وعند إصابتها بعطل ما، حاول التواصل مع الجهات المحلية المسؤولة عن إعادة تدوير أو شراء المخلفات الإلكترونية، وجود مثل هذه الجهات ضروري وأساسي إما بشكل منفصل أو تابع للبلديات، حيث أن المخلفات الإلكترونية عند التعامل معها بشكل صحيح وآمن،  يمكن أن تكون مصدرًا للربح والنفع الاقتصادي للمجتمع والأفراد بدل أن تكون مصدرا للأذى والتلوث.

مواضيع أخرى قد تهمك