التمييز في دولة معيّنة -زي التمييز الرقمي هنا في بلادنا ليبيا- يعني عدم المساواة بين مجموعات مختلفة من المناطق الجغرافيّة، أو المساكن، أو الناس اللي يعيشوا في مستويات اجتماعيّة واقتصاديّة مختلفة.

قاموسُ أوكسفورد يعرّف التمييز الرقميَّ على أنّه "الفراغ بين أولئك الذين يملكون القدرة على استخدام القدرات الرقميّة الحاليّة مثل: الحواسيب، الأجهزة اللاسلكية، والإنترنت؛ والآخرين الذين لا يملكون تلك القدرة، وعدم المساواة الاجتماعيّة والتعليميّة الناتجة عن ذلك".


التمييز في دولة معيّنة -زي التمييز الرقمي هنا في بلادنا ليبيا- يعني عدم المساواة بين مجموعات مختلفة من المناطق الجغرافيّة، أو المساكن، أو الناس اللي يعيشوا في مستويات اجتماعيّة واقتصاديّة مختلفة.


التمييز الرقمي مشكلة معقّدة هلبا، وليها العديد من الأبعاد والأسباب، وقياسها بقدرة الواحد على استخدام الإنترنت من عدمه غير كافي؛ أولًا قياس الثغرة الرقميّة بين الناس صعب، لأنّ قدرتهم على استخدام الإنترنت تتنوّع بناءً على: موقعهم المكاني -زي الحوش والخدمة ومكان الدراسة-، ونوع الاتصال هل ثنائي أو سريع، والجهاز المستخدم ومواصفاته التقنيّة... وثانيًا أنّ كل استخدام للإنترنت لا يعني بالضرورة أنّه استخدام مفيد وليه معنى عملي للشخص.


وفيه أيضًا مشاكل أخرى، منها فقط: أنّ الجهاز المستخدم ونوعه غير مألوفين للشخص، وقدرات الشخص قد تكون محدودة في البحث عن المعلومات، واحتماليّة عدم قدرته على فهم المحتوى الرقمي واستخدامه.


ويمكن ذكر العوامل الآتية المؤثرة في التمييز الرقمي:


(1) عوامل اجتماعيّة، مثل: القدرات اللغويّة، والإعاقة الجسدية، والعمر.

(2) عوامل اقتصاديّة، مثل: البنية التحتيّة الرقميّة، والقدرة الشرائيّة للشخص، وانعدام الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة.

(3) عوامل ثقافيّة، مثل: الخلفيّة العائليّة، والقدرات اللغويّة للفرد.

(4) عوامل جغرافيّة، مثل: الأرياف والمدن، والتضاريس الصعبة.

(5) عوامل نفسيّة، مثل: الخوف من التكنولوجيا، وانعدام الحافز.


وبالنظر إلى الأرقام، فإنّ حوالى 74% من الليبيين يستخدمون الإنترنت، في مقابل 26% لا يتعاملون مع هذه الوسيلة.


وترتفع نسبة مستخدمي الإنترنت إلى 88% لدى المتراوحة أعمارهم بين 18 و29 سنة، في حين تنخفض إلى 32% لدى الفئة البالغة 60 عامًا فما فوق.


وترتفع نسبة استعمال الإنترنت لدى الإناث، حيث تصل إلى 76% في مقابل 71% من الذكور، كما تبلغ 75% لدى من يقطنون في الوسط الحضري، مقابل 67% لدى من يقطنون في الوسط القروي.


أمّا بالنسبة إلى معدل انتشار الانترنت، فيبلغ 85%، إلّا أنّ سرعة الإنترنت ما تزال تمثّل عائقًا أمام المستخدمين في النفاذ والوصول إلى الإنترنت، وبحسب مؤشر السرعة العالمي للإنترنت، تحتل ليبيا المرتبة 152 من 185 دولة من حيث سرعة النطاق العريض للإنترنت، ويقدّر أنّ أسرع إنترنت في ليبيا قد يصل إلى 11.88 ميغابت فقط. ومع أنَّ شركة ليبيانا للهواتف المحمولة أطلقت مؤخرًا خدمات الجيل الرابع للهاتف المحمول في طرابلس وبنغازي وبعض المدن الكبرى، وهو ما ساهم في خلق نوع من المنافسة وأدّى إلى تخفيضات في تكلفة الوصول إلى خدمة الإنترنت، إلّا أنّ العائق يبقى متعلقًا بأنّ الدولة تحتكر غالبيّة قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل مطلق.


بالطبع يوجد قطاع خاص لخدمة الإنترنت، ولكنَّ معظمها يوجد في العاصمة طرابلس وبعض المدن الكبيرة، وتعتبر أسعار الاشتراك فيها وشراء المعدات التقنية اللازمة لها بعيد المنال على هلبا ناس، وهنا نشوفوا في تمييز تقني واضح للفئات الساكنة في المناطق الريفيّة وذوي الدخل المحدود. 


ولا يمكن نسيان أثر انقطاع الكهرباء على قدرة الناس على استخدام الإنترنت، فالأجهزة التقنيّة تحتاج كهرباء للعمل، والناس اللي ما تقدرش توفّر حق مولّد كهربائي تضطر تعيش بدون إنترنت.


تحاول الدولة حل مشكلة التمييز الرقمي عن طريق إدراج منهج الحاسوب والتقنية في الفصول الدراسيّة من مرحلة مبكّرة، حتّى يتساوى كل الأطفال باختلاف خلفيّاتهم الاجتماعيّة والاقتصاديّة، إلّا أنّ توفير جهاز حاسوب لكل تلميذ أثبت أنّه مهمّة صعبة جدًّا، ناهيك عن توصيله بالإنترنت.


مواضيع أخرى قد تهمك