الأمان والخصوصية على الإنترنت هما إحدى أهم متطلبات المستخدمين اليوم، خصوصاً مع التطور التكنولوجي السريع الذي يشهده القطاع وما يفرضه من تحديات أخلاقية وتعقيدات قانونية. ولأننا في أنير نعمل من أجل الوصول الى تجربة إنترنت أكثر أماناً، والتي تتجلى في رؤيتنا بالعمل على مختلف الأصعدة (مثل: تدقيق المعلومات والتوعية الاعلامية والمعلوماتية وتعزيز السلامة الرقمية للمستخدمين ونشر الثقافة الرقمية) فنحن نطمح أيضاً لأن تتضافر جهود مجتمع الإنترنت في ليبيا من أجل تعزيز القوانين والسياسات التي تواكب هذه التحديات والتطورات التكنولوجية من منطلق مجتمعي.
  • إصلاح السياسات الرقمية: تحدي عالمي ومُلّح 

إصلاح السياسات الرقمية يمثل تحدياً عالمياً تسعى العديد من الدول نحوه مجاراةً بالتطور الرقمي، ومن متطلبات هذا النوع من الإصلاحات هو مراجعة وتقييم وتحليل وإعادة تفكيك السياسات الحالية ومقارنتها بسياسات إقليمية وعالمية تواجه تحديات مشابهة حتى تكون مواكبة للتطورات التكنولوجية السريعة.  

عند التحدث عن إصلاح السياسات الرقمية في ليبيا، ننظر إلى تطوير وإنشاء إطارات تنظيمية وقوانين تعكس التحديات والفرص الناشئة نتيجة للتقدم التكنولوجي والابتكارات الحديثة، بما يتماشى مع احتياجات وقيم المجتمع وقوانينه. لتحقيق هذا، يلزمنا توفر خبرات تكنولوجية وإدارية واسعة في مجال حوكمة الإنترنت. وهنا يُطرح السؤال عن مفهوم حوكمة الإنترنت وعلاقته بالسياسات الرقمية. 

 

  • حوكمة الإنترنت تبدأ معاً 

حوكمة الإنترنت هي النظام الذي يحدد لنا كيفية تنظيم وتطوير الإنترنت على كل المستويات، سواء على الساحة المحلية أو الدولية. وفيها مجموعة من القوانين والمبادئ التي تشتغل لصالح الكل. تحت مظلة حوكمة الإنترنت، نجد مواضيع مهمة مثل الخصوصية وأمن المعلومات وحرية التعبير وضمان الوصول للإنترنت بالتساوي.  

 

تعتمد السياسات الرقمية على مبادئ حوكمة الإنترنت في وضع القوانين والتشريعات التي تنظم استخدام التكنولوجيا الرقمية وتعزز الأمان والحماية الرقمية. ولأنّ حوكمة الإنترنت تحدي مستمر، يكون التعاون مع كافة الأطراف مهماً من أجل إيجاد توازن بين حقوقنا وتطلعاتنا للتقدم التكنولوجي. 

 

وحين نتحدث عن الشراكات مع أصحاب المصلحة المتعددين في مجال التكنولوجيا فنحن نسلط الضوء على فكرة أن التعاون والمشاركة العادلة بين الجميع -سواء حكومة، أو شركات خاصة، أو مجتمع مدني، أو التقنيين والأكاديميين- هو موضوع مهم جداً. إذ تلعب الشراكات متعددة الأطراف دور مهم في دفع إصلاحات السياسات العامة ذات الأثر والفاعلية، من خلال إنشاء أطر تعاونية تجمع بين أصحاب المصلحة يتم فيها تبادل المعرفة والموارد والحلول، وتسهل مساراً أكثر شمولية وإشراكاً في تطوير السياسات وتنفيذها بما يخدم صالح الجميع. 

 

  • جديدنا: المبادرة المجتمعية لإصلاح السياسات الرقمية في ليبيا 

ولهذا نعمل في المبادرة المجتمعية لإصلاح السياسات الرقمية في ليبيا في مجموعة عمل من الخبراء أصحاب المصلحة، حتى نتبادل الأفكار والخبرات حول مستقبل الإنترنت في بلادنا خصوصاً وأننا ما زلنا بحاجة إلى سياسات موحدة ومتجانسة ومناسبة للجميع. انطلق المشروع من خلال سلسلة جلسات عمل منذ أبريل 2024 في طرابلس وعبر الإنترنت. وفي إطار الشراكات متعددة الأطراف، يتم في المبادرة تطبيق مؤشرات عالمية الإنترنت (ROAM) الخاصة باليونسكو، والتي تركز على الحقوق والانفتاح والوصول والمشاركة متعددة الأطراف مما يساهم في تقييم أوضح للسياسات الرقمية وإدماج احتياجات الفئات المختلفة من المجتمع.  

الإنترنت اليوم يجمع العالم في قرية صغيرة تساهم في تحسين الخدمات والتواصل والوصول إلى لمعلومات، ونحن في حاجة لتعديل السياسات والقوانين والتشريعات والممارسات لتصبح ليبيا جزء مشارك من هذه القرية. تعددت الجهود في طرح استراتيجيات وخطط ودلائل للعمل في حوكمة الإنترنت من عدة جهات، والتي تأمل أنير لتعزيزها وتطويرها في إطار سياسات عامة موحدة يمكن تفعيلها على مختلف المستويات. 

ويوضح الأستاذ أسامة منصور الخبير في السياسات العامة والاستراتيجيات "إن الشراكات متعددة الأطراف تعتبر حجر الأساس في تطوير سياسات رقمية فعالة ومستدامة. من خلال عملنا في هذه المبادرة، لاحظنا أن جمع وجهات نظر متنوعة من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والخبراء التقنيين والأكاديميين، بالإضافة إلى ممثلين عن ذوي الاحتياجات الخاصة، يؤدي إلى حلول أكثر شمولية وتوازناً. هذا التنوع في الشراكات يضمن أن تكون سياساتنا الرقمية متكاملة وتلبي احتياجات جميع شرائح المجتمع."  

وينطلق مشروع المبادرة كخطوة مهمة ونحو الأمام لأنير لتوسيع نطاق العمل ومدّ يد التعاون مع المؤسسات المختلفة في المجتمع الرقمي، وفي هذا تقول مديرة مشروع المبادرة إسراء البكوش "تطمح المبادرة من خلال المشاورة المشتركة الخروج بورقات سياسات تساهم في رسم ملامح رؤية متقاربة بين الجهات المختلفة لادارة المساحة الرقمية في ليبيا لمواكبة التوجه العالمي نحو الرقمنة."  

 

  •  يد واحدة ونحو الأمام  

وفي خلاصة، تعمل الشراكات متعددة الأطراف كآلية قوية لدفع الإصلاحات ذات الأثر والفعالية في السياسات العامة الرقمية في ليبيا، وتعزز التعاون والتآزر بين القطاعات المختلفة لمعالجة القضايا التحديات المختلفة التي تواجهنا من أجل حوكمة إنترنت.  من خلالها يمكن لنا بناء مجتمع رقمي أكثر أماناً وتعاونيةً ومستداماً. 

مواضيع أخرى قد تهمك