لا يمر يوم إلا ويتعرض الآلاف للسخرية أو الإساءة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، سواء كان الأمر يتعلق بالوزن أم بالشكل، أو حتى الكتابة الإملائية، يهوي البعض كتابة تعليقات ساخرة أو ارسال رسائل مهينة للشعور بالرضا، دون الالتفات للأثر النفسي الذي قد يتركه تعليقه في نفس الطرف الآخر، وفي اليوم التالي يستيقظ كلا الطرفين ليمارسا هوايتهما، الطرف الاول يوجه التعليقات والثاني يتحملها، الامر الذي أصبح يعرف عالميا باسم "التنمر الرقمي".

يعد مصطلح "التنمر" من أكثر المصطلحات انتشارا في الآونة الأخيرة، وذلك نظرا لقلة اهتمام المجتمع بالصحة النفسية، عدا أن أحد أفرع التنمر تستحق الوقوف عندها قليلا، حيث ان التنمر- الرقمي تحديداً- قد أصاب 7 من أصل كل 10 أشخاص في مرحلة ما من حياتهم، واحد من أصل كل ثلاثة ضحايا للتنمر قد تأذى جراء الامر بشكل أو بآخر، بينما أقدم شخص واحد من كل 10 على الانتحار.


إذا ما هو التنمر الرقمي؟


يعرف التنمر الرقمي على أنه سلوك أو (تصرفات) عدوانية غير مرغوب فيهـا تحـدث بــين مجموعـة مـن الأفراد بصورة متكررة، مــن خـلال اســتخدام البريـد الإلكترونـي، أو غـرف الدردشة والرسائل الفورية، أو مواقــع الويــب ومواقع التواصل الاجتماعي.



عبد السلام والتنمر الرقمي!


عبد السلام، شاب في مقتبل عمره، الجميع يحب عبد السلام مادام بعيداً عنهم، لم يجد ملاذا سوى بالسوشيال ميديا، ربما حينها يمكنه التعبير عن متلازمة داون التي يعاني منها، ينشر صورته، تنهال عليه طلبات الصداقة لكنه لا يأبه سوى للتعليقات السلبية على الصورة، بفطرته يتعجب من الكراهية المجانية التي نالها من أناس مجهولين، لكنه خاف ان يخبر أحداً فيقع في مشاكل لا طائل منها.بمرور الوقت، نكتشف أن عبد السلام هو شخص من كل اثنين يتعرضون للتنمر ويخشون الإفصاح عن الأمر لعدم ثقتهم في إيجاد حلول.



أنواع التنمر الرقمي:


للتنمر الرقمي أشكال مختلفة، ولعل أبرزها في الآونة الاخيرة هو التنمر العنصري القائم على التمييز بين الجنسين أو الأديان أوالأعراق باستخدام إساءات بألفاظ مهينة، بالإضافة لانتحال الشخصية الغير لغرض الابتزاز أو السخرية أو تدمير العلاقات بين أشخاص معينين.

ولكن النوع الأخطر هو الإذلال، إذ ينشر المتنمر إشاعات مغرضة عن الضحية بغرض إفساد سمعتها وتدمير حياتها، ولعل أشهر المتضررين من هذا النوع هي الفتاة المصرية الراحلة "بسنت خالد" والتي انتحرت بعد ابتزازها الكترونياً بنشر صور مفبركة لها في أوضاع مخلة، الأمر الذي يسلط الضوء على تأثير التنمر الرقمي على مكانة الضحية في المجتمع.


سهولة التنمر الرقمي هي من أهم الأسباب التي تجعله الأكثر استخداماً، ويرجع ذلك لعدة أسباب منها انتشار الهواتف المحمولة والاجهزة اللوحية بشكل كبير مع عدم أخذ عامل الفئة العمرية بالاعتبار، حيث يمكن للمتنمر انجاز المهمة من غرفته باستخدام هاتف وحساب مزيف مليء بصداقات وهمية، وحين تجتمع بضع غرامات من السهولة مع ملعقة كبيرة من الخفاء، بالإضافة لوصول لعدد واسع من الجمهور، يصبح الاذى فن، والشر إدمان، ويتمادى المتنمر في أفعاله غير مدرك لما يمكن أن تسببه.



إذا ما هي الحلول المقترحة لمواجهة آفة التنمر الرقمي؟

مؤخراً أصبح التنمر جريمة يعاقب عليها القانون إذا أدت لحدوث أذى لشخص أو أكثر، ورغم ذلك من الصعب القضاء عليه بشكل نهائي، ولكن ما الذي يجب عليك أن تفعله في حال تعرضك للتنمر الرقمي؟

1- أخبر شخصاً آخر، فمن المهم أن يكون أحدهم على علم بجوانب الموضوع حتى يستطيع مساعدتك.

2- إحتفظ بنسخة من جميع المحادثات أو المنشورات أو التعليقات التي تحوي شكلاً من أشكال التنمر ضدك.

3-تجاهل التنمر بشكل نهائي بدلاً من الاستجابة له، فهذا يثبت نظرية المتنمر أنك تهتم لما يفعله.

4-لا تتردد في إبلاغ الجهات القانونية في حال تفاقم الأمر ووصوله لتشويه السمعة، اسعى لأن يتحمل المتنمرون مسئولية أفعالهم.

5- إذا كنت أباَ، من المهم للغاية أن تكون على دراية بالبيئة المحيطة بإبنك أو إبنتك، وتذكروا، معظم حالات التنمر والابتزاز تأتي من الدائرة المقربة للضحية.


مواضيع أخرى قد تهمك