تخيل روحك تحكي قصة لشخص، أو موقف صارلك، أو حاجة شفتها، انت حتختار التفاصيل اللي تعتقد إنها مهمة للقصة وحتركز على المحاور الأساسية للقصة أو الموقف، وحتقرر إنك ما تحكيش كل التفاصيل، وهذا هو التأطير.

تخيل روحك تحكي قصة لشخص، أو موقف صارلك، أو حاجة شفتها، انت حتختار التفاصيل اللي تعتقد إنها مهمة للقصة وحتركز على المحاور الأساسية للقصة أو الموقف، وحتقرر إنك ما تحكيش كل التفاصيل، وهذا هو التأطير. في اختيارك لهادي التفاصيل، أنت ترتكز على خلفيتك، خلفية الشخص اللي تدوي معاه، والسبب اللي خلاك تحكي القصة، أو السياق. الفكرة اهني إنك في نوع من انعدام الموضوعية في نقلك للقصة، وهذا مش ناتج عن أي محاولات للمبالغة، لكن مبني على إن ما حد يقدر يحكي عن كل  التفاصيل اللي صارت لأنها صغيرة أو لأنها غير مهمة (وفقا لتفكيرنا)، أو لأن ما فيش وقت كافي، أو لأنها ما تتناسبش مع السياق أو الشخص اللي ندووا معاه. فكر في الموضوع لما تحكي موقف لأمك يختلف عن إنك تحكي قصة لصاحبك. الشيء الثاني اللي يأثر في القصة هي التفاصيل اللي ما نعرفوهاش واللي أحيانا نضطروا أو نختاروا إن نحكوها بناءا على افتراضات احني بنيناها واللي حتوصل الهدف من القصة.

التأطير بصفة عامة يصير لما شخص ينقل خبر أو قصة لشخص ثاني، لكن لقصر الوقت، الشخص يختار يحكي ويركز على التفاصيل اللي يعتقد إنها مهمة، ويختار عدم ذكر تفاصيل أخرى. التأطير يصير في كل مرة احني نتواصلوا مع شخص ثاني، وهذا ينطبق على التواصل الشخصي والتواصل الجماهيري. لو خذينا مفهوم التأطير خارج النطاق الشخصي وحطيناه في سياق التواصل الجماهيري وكيفية تحصلنا على الأخبار حنلقوا روحنا في مجال الإعلام، سواء الإعلام السائد أو الإعلام الحديث اللي مبني على السوشال ميديا والإعلام الرقمي

الجريدة عندها عدد سطور محدد، القنوات عندها وقت محدود، التويتر عنده 280 حرف، الفيس بوك فيه مساحة واسعة لكن الكل يعرف إن ما حد عنده جواجي يقرأ جريدة، وكلنا نبوا نأخذوا الزبيدة من النص الطويل، هذا علاش كلنا، بما فيها المؤسسات أو الصفحات اللي نأخذوا منها أخبارنا نمارسوا في التأطير باش نوصلوا النقاط المهمة. المشكلة تبدأ لما تقوم مؤسسة أو شخص باختيار ذكر تفاصيل وعدم ذكر تفاصيل أخرى وفقا لأيديولوجيا أو فكرة معينة تبي توصلها للجمهور، ولأن المؤسسات الإعلامية عندها القدرة ترسم الصورة اللي تبيها بخصوص حدث سياسي أو اجتماعي، تقدر بهادي الطريقة ترسم صورة للواقع تتناسب مع رؤيتها، واللي مرات تكون بعيدة عن الواقع، أو ترسم وجه واحد من الواقع المتعدد الأوجه.

أبسط مثال ممكن ينحط على القنوات الإعلامية الغربية وكيف تأطر المسلمين، وتركيزها في تأطير المسلمين على نقل أخبار الإرهاب، ورغم إن هادي الصورة حقيقية، وفي ناس إرهابيين، الواقع بين الشعوب المسلمة يختلف، وفي عدة أوجه لحياة المسلم، وأفكار المسلمين ما ترتبطش بأي شكل من الأشكال بالإرهاب. ممكن تسأل نفسك كيف انت تفكر في البلدان اللاتينية، اللي هلبا منا يعتقدوا إنها بلدان فيها نسبة جريمة عالية، وممكن يكون هذا صح، لكن في جوانب ثانية لهادي الدول لم يتم نقلها لينا من قبل الأخبار. كذلك تأطير ليبيا في الأخبار، خصوصا في 2011، وفي أكثر من دراسة عن كيف عدة قنوات أطرت الثورة الليبية، القذافي، وتدخل الناتو، مثلا في دراسة عن تغطية الجزيرة العربية، والجزيرة الإنجليزية، البي بي سي العربية، والبي البي سي الإنجليزية لتدخل ناتو استنتجت إن كل القنوات أطرت وركزت على نجاحات الناتو بينما تم تجاهل كيف الناتو ارتكب أخطاء في ليبيا وقتل مدنيين.

الوضع الحالي للإعلام الليبي فيه انقسام شديد، وكل جانب يركز على تأطير الأخر على أنه المدمر أو المعتدي، بينما جانبه هو الصح والمنقذ، المشكلة في هذا إن المؤسسة الإعلامية اللي وظيفتها تنقل الخبر أقرب ما يكون للموضوعية ورسم صورة  قريبة من الواقع تختار إنها تأطر الخبر بما يتناسب مع توجهاتها السياسية اللي يأثرعلى المصداقية. الفكرة الرئيسية وراء التأطير هو إن كل قصة ليها هلبا جوانب، وفي أوقات نختاروا إننا نقلوا القصة عبر تأطيرها والتركيز على الجوانب اللي نعتقدوا إنها مهمة، لكن في سياق التواصل الشخصي، في مساحة للنقاش، وطرح الأسئلة وبناء صورة أشمل للموقف أو الحدث تساعدنا في بناء فكرة أحسن ورأينا يكون مرتكز على هادي الصورة الأشمل، مع الإعلام، الخبر ينتشر لآلاف الناس، ومرات ملايين الناس ويأثر على رأيهم وطريقة تفكيرهم في موضوع معين، خصوصا المواضيع اللي المشاهد ما عنداش عليها معلومات سابقة، وهذا يأثر في طريقة تعاملنا والقرارات اللي نتخذوها.

هذا علاش ضروري لما نقروا الخبر، أو الحدث، نحسبوا حسابنا لحاجتين، التأطير الطبيعي اللي يصير وهو جزء من حياتنا، والتأطير المتعمد اللي يصير نتيجة وجود توجه معين، والمهم إننا قبل ما نبنوا رأي أو فكرة، نتحققوا كيف وسائل إعلامية مختلفة أطرت الخبر بطرق مختلفة واللي حيرسملنا صورة أشمل وأكثر دقة للواقع.

مواضيع أخرى قد تهمك