تتسابق كلُّ الشركات التقنية لمعرفة أكبر عدد ممكن من المعلومات عنك، المعلومات الأكبر عنك تعني تحليلًا أكبر وأشمل لشخصيتك وتفضيلاتك وما تحب وما تكره، من ثمَّ يُمكن لهذه الشركات أن تقدِّمَ لك إعلانات أكثر تناسبًا مع تطلعاتك

تغريدةٌ نشرها الخبير المعلوماتي السويسري فرانك رويف أشعلت تويتر وصوَّبت النيران نحو تطبيق المحادثات الصوتية الأشهر: كلبهاوس. يقول فرانك في تغريدته: قاعدة بيانات كلبهاوس الكاملة معروضةٌ للبيع في الدارك ويب، تحتوي على 3.8 مليار رقم هاتف، وهذه الأرقام ليست فقط أرقام مستخدمي المنصّة، بل هي أيضًا أرقام جهات الاتصال الموجودة في هواتف الأشخاص المسجّلين في كلبهاوس، حتى إن لم يكونوا من مستخدمي على كلبهاوس.

 

وقيل إنَّ المُقَرْصِنَ تحصَّل على هذه المعلومات باستخدام ثغرةٍ أمنيّة في تطبيق المحادثات الصوتيّة كلبهاوس تتيح له الوصول إلى كلِّ المعلومات العامّة المنشورة، ولكنها لم تُتِح له الحصول على المعلومات الخاصة.

 

ونشر فرانك رويف صورةً مع تغريدته تحتوي على الإعلان المنشور في الدارك ويب، يقول المقرصِن في إعلانه بأن 3.8 مليار رقم هاتف متاحٌ للبيع، وأنَّه سيبيعها لشخص واحد جادٍّ فقط في مزاد -ليس علنيًّا بالطبع- في الرابع من سبتمبر من العام الجاري.

 

سُرقنا: هجوم حادٌّ على كلبهاوس

بعد نشر هذه التغريدة، تلقَّى تطبيق كلبهاوس سيلًا من الانتقادات التي طالته من مستخدميه، بسبب ادّعاءات مثل تدنّي مستويات الخصوصيّة التي يمنحها لهم، ولامَ بعضهم القائمين على التطبيق على "تقاعُسهم" في تطوير مستويات الحماية، خاصّةً أنَّهم يقولون إنّها ليست المرة الأولى التي يحدثُ فيها "تسريبٌ" لمعلوماتٍ تخصُّ مستخدمي هذا التطبيق الذي ينال شهرةً واسعة في الآونة الأخيرة.

 

ليست الأولى: ملف بيانات المستخدمين نُشر في أبريل

حادثةُ "تسريب" المعلومات هذه أعادت إلى الأذهان ملف بيانات نُشر في أبريل الماضي يحتوي على معلومات لمستخدمي كلبهاوس، احتوى ذلك الملف على الملايين من معلومات المستخدمين الموجودة في التطبيق، وهي كلُّها معلومات عامة يمكن لأي شخص الاطلاع عليها، وتضمُّ هذه المعلومات أسماء المستخدمين، وصورهم، وأسماء حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، أي المعلومات التي تستطيع إضافتها بنفسك إلى حسابك هناك، لكنَّ الضجّة الإعلاميّة ساعدت على تصديق كون ذلك تسريبًا فعلًا، وهو ما أدّى إلى سيل الانتقادات الموجّهة إلى كلبهاوس وقتها، وسهولة تصديق ادّعاء "التسريب" الجديد هذه المرّة أيضًا… فهل سُرقنا فعلًا؟

بيانات كلبهاوس

أرقامٌ متسلسلة: ياباني خدع الجميع

ردًّا على تغريدة الخبير المعلوماتي فرانك رويف، نشر أحد المغرّدين المهتمّين بالشؤون التقنية والعملات المشفّرة صورةً تحصَّلَ عليها من ملف العيِّنة المرفق بالإعلان، وتوضِّح الصورةُ أرقامًا تسلسليّةً يبدو أنها مُولَّدة عبر برامج الذكاء الاصطناعي، ومن ثمَّ فهي تحمل كل الأرقام التي يمكن أن تكون أرقام هواتف، موجودة وغير موجودة على تطبيق كلبهاوس... الصورة المرفقة تحتوي فقط على أرقام هواتف، ولا تحتوي على أيِّ معلومات خاصة كالبريد الإلكتروني، وهذا ما يزيد من احتمالية أنَّ الموضوع برُمَّته عبارة عن احتيال.

 

مغرِّدٌ آخر قال إنَّ ذات المجموعة التي كان يبيع من خلالها هذا الرجل الياباني ما يسمّيه "قاعدة بيانات مسربة من أرقام واتس آب" على تيليجرام تحوَّلت إلى اسم "قاعدة بيانات كلبهاوس المسرّبة"، وتنشر نفس الإعلان الذي نشره في الدارك ويب.

 

هذا ونشر المسؤولون على تطبيق كلبهاوس بيانًا صحفيًّا نفوا فيه حادثة التسريب، وقالوا فيه: "لا يوجد أيُّ تسريب في كلبهاوس، مجموعةٌ من البرامج الآليّة أنتجت أرقام هواتف عشوائيّة، وإن حدث ووُجِدَ رقمٌ من قاعدة البيانات هذه ضمن الأرقام المسجلة في كلبهاوس، فإن كلبهاوس لا يعطي أيًّا من معلومات المستخدم".

 

أنت سلعة: الحرب على معلوماتك

تتسابق كلُّ الشركات التقنية لمعرفة أكبر عدد ممكن من المعلومات عنك، المعلومات الأكبر عنك تعني تحليلًا أكبر وأشمل لشخصيتك وتفضيلاتك وما تحب وما تكره، من ثمَّ يُمكن لهذه الشركات أن تقدِّمَ لك إعلانات أكثر تناسبًا مع تطلعاتك ومنتجات تناسب ذوقك، وهذا ما يجعل تجربتك داخل تطبيقات هذه الشركات التقنية أفضل وتشعرك برضى أكبر.

 

تُسهّل هذه المعلوماتُ الشخصيةُ المُهمّةُ أيضًا عملياتِ النصب والاحتيال، بحيث يمكن للقراصنة اصطيادك واستدراجك باستخدام المعلومات التي يعرفونها عنك لمعرفة أرقام حساباتك البنكية على سبيل المثال.

 

لأجل هذا، فإنَّ السعي حثيث ومستمر من قبل الشركات لجمع بياناتنا، ورغم أنَّ بيانات كلبهاوس لم يتمَّ تسريبها حقًّا، إلّا أنَّ السؤال الذي يشغل الأذهان هو: كيف ستتعامل البشرية مع كمِّ البيانات الهائل الذي يزيد كلّ يوم؟

 

————————

هذه نسخةٌ معدَّلة من المقال، تمّت إعادة نشره بعد تعديل معلومات معيّنة في النسخة الأولى سقطت فيها بعض الهفوات سهوًا.

مواضيع أخرى قد تهمك